بعيداً عن كل ما يكتب عنه وعن بطولته
11 ابريل 2014
31077يصادف اليوم ذكرى استشهاد الشهيد رياض بدير، بعيداً عن كل ما يكتب عنه وعن بطولته، اسمه ما زال في ذاكرتي يرتبط بحوادث وصور متفرقة ومتباعدة، منها صوته وصراخه عبر مآذن المساجد داعياً الناس للخروج ومقاومة الاحتلال بما توفر لديهم من سلاح أيام الاجتياحات الاولى لمدينة طولكرم "أخرجوا حتى لو بالسلاح الأبيض". ويرتبط اسمه أكثر بسيارته البسيطة التي استغلها واستخدمها للاحتجاج والدعوة في منتصف التسعينات، واضعاً على الزجاج الخلفي عبارات منها "لا للمفاوضات" و"لا للتنسيق الأمني"، كان ذلك في وقت كان الأغلب يهاب السلطة الفلسطينية وأمنها، ويخاف سطوتها، ويتجنب عامة الشعب الاحتكاك بها، تجبناً للاعتقال والاهانة والبهدلة. وفي المدرسة، كان يستغل الإذاعة المدرسية ليحدثنا عن فلسطين وقصص المقاومة وأهميتها، ومخاطر التفاوض والمفاوضات، ويحذرنا ممن يتنازل عنّا وعن حقوقنا، مع كل مرة كان يتوجه لنا - نحن تلاميذه الأطفال- بكلمة عبر تلك الإذاعة، كان هنالك أستاذ يحاول التوجه لنا بعده بكلمات تعارضه، كلها كلمات مبايعة وتأييد، لم نكن نحبّها ولم نكن نهواها، فخطاب الأستاذ رياض كان أقرب للرموز التي نعرفها وأكثر انسجاماً مع ما تربينا عليه. وبعد معركة مخيم جنين، اسمه صار أكثر قوة في ذاكرتي، فقد عاش على مبداّ قلّ من تبناه وعاش عليه، فقد باع سيارته ليشتري قطعة السلاح "M16" بقيمتها، وسار إلى مخيم جنين وعاند وقاتل ورفض أن يسلّم أو يستسلم، أو حتى يتراجع تراجعاً تكتيكياً حتى نفذ منه الرصاص وهُدم البيت الذي تحصن به على رأسه، واستشهد!. حديثاً عرفت إحدى قصص تعرض الأمن الفلسطيني له، حينما تعرضت إحدى سيارت الأمن له واختطفته، يبدو وقتها أنه سئم الملاحقة والمتابعة وأراد وضع حد لذلك، فقد رفع سلاحه الشخصي ووضعه برأس خاطفه، وطلب من السائق التوقف وإنزاله من السيارة، وبالفعل أنزله رجال الأمن. توجه الشيخ بعدها إلى إحدى المساجد وألقى عليهم كلمة مفادها أنّ عليهم التصدي لممارسات رجال الأمن الفلسطيني قبل التوجه للإحتلال!. مَن حضر وسمع تلك الكلمة قال أنّ الشيخ ألقاها وعيناه تبكي من شدّة القهر. قصص قصيرة لكنّها مليئة بالقيم، ولها مكان في ذاكرتي كافٍ لحفظ تفاصيلها من النسيان. رحم الله روحه، وساعدنا على الحفاظ على تلك القيم، القيم التي تعلمناها ونتعلمها، وربّانا عليها الشهداء.

جميع الحقوق محفوظة © 2024