على ماذا نلوم حماس؟
05 ديسمبر 2015
الاحتجاج في غزة على قضية المعابر أمر طبيعي علينا تفهمه، فمن الطبيعي أنّ الغزيّ سيبحث عن أقرب وأسهل من يستطيع تحميله مسؤولية حاله، ومطالبته بالقيام بأيّ شيء لفتح المعبر وفك الحصار، خاصة بعد تغيّر أسلوبه مرارًا وتكرارًا، فمن حصار كل شيء وصل ذروته في ٢٠٠٨ و ٢٠٠٩، إلى حصار أذكى يعزل الناس والشعب عن قيادات وحكام غزة، مستندًا اليوم على التبعات السلبية لحرب غزة الأخيرة. شخصيًا لا ألوم أيًا من المحتجين، فبالنسبة لي لو كنت مترددًا في الهتاف ضد القيادة في غزة ما قبل الحرب الأخيرة وخلالها وما بعدها، فالوعود والنتائج السلبية التي لم تُبرر حتى اليوم، ولم يتم شرحها حتى اللحظة، والتي لم يخرج أيٌ من قيادات غزة يصارح الشعب بما حصل، سأخرج اليوم كافرًا بنفسي وكلّ شيء، لأصرخ بوجه أول من أصادفه أمام منزلي!. 12314191_915868245168443_4425853291605842343_oحماس وقياداتها لم تغيّر أسلوب إدارتها، ولا حتى أسلوب تعاملها مع الناس، وما زالت تعزز كل معطيات الكفر بها وبالمقاومة، فتخيّل يا رعاك الله، أن يصرخ أحدهم كافرًا سلّموا المعابر، وهو لا يعرف من وإلى من سيتم تسليمها، ليلاقي قيادي في حماس يقول له "إحنا المقاومة" وانتم تطالبوننا بتسليم المقاومة والسلاح والتسليم لاسرائيل!، دون أيّ شرح لما يعنيه طلب تسليم المعابر!. قد ينجح هذا الرد مرة ومرتين، ولكني لن أستبعد ولن أستغرب خروج ذاك الرجل مرة جديدة ليقول "أبوكم ع أبو المقاومة، بدي أعيش، بدي أدرس، بدي أتعالج، بدي أهج ... الخ". لن ألوم أيّ غاضب يخرج بأيّ مطلب، وبالتأكيد، لن أحدثه عن المقاومة وضرورة الوقوف معها، فهو نفسه من كان يحتضن المقاومة في حرب لم نتجاوز تبعاتها بعد، وقد يكون هو نفسه عنصر من عناصر المقاومة، سينخرط ويحتضن هو وعائلته المقاومة في أي اشتباك قادم! كيف ألومه؟! وهو يلمس ويرى سلطة ككل السلطات في العالم، تحاول إدارة القطاع وكأنّه دولة مستقلة، تُعادي إسرائيل، ولكنها لا توكل ذاك الاهتمام المطلوب لمساندته ودعمه، وتوزيع آثار الحصار والحروب على الجميع بالتساوي، هي سلطة ككل السلطات، تُحمّل العجز المادي للسلطة والحكومة للشعب، فترفع نسب الجباية وتخترع ضرائب ما أُنزل بها من سلطان!. بالإضافة لذلك، لا أحد ينكر اليوم أن هنالك طبقة من المسؤولين وأبناء المسؤولين "أبناء السلطة"، بات من الواضح للعيان أنهم متورطون بفساد ما يساعدهم -على الأقل- على تقليل المعاناة على أنفسهم بأشكال متعددة، وهؤلاء إن استطاعوا اقناع الشارع بأنهم يعانون أيضًا، فكيف لهم اقناعه بانهم يعانون معاناة عامة الشعب!. الحصار مسؤولية الاحتلال، وهذا لا نقاش فيه، فلو اعترفت فصائل المقاومة الآن باسرائيل، وتوقفت عن الترصد لها، فسيتنهي الحصار فورًا، ولو سلّمت كل المعابر دون ذلك فلن يغيّر من استهداف المقاومة وحاضنتها، وفي نفس الوقت، هذا لا يُلغي لوم حماس وفصائل المقاومة على سوء إدارتها للأزمات، فهي وحدها من عليها التعامل مع المحاصرين، ومراعاته وتفهم حاجاته!. تبعات وآثار الحرب الاخيرة والحصار المستمر تزداد، ومصارحة الشعب، والتحدث معه، ومحاربة الفساد علنًا، وعرض كل محاولات فك الحصار أو تخفيفه للناس مباشرة ما قد يخففها، ويُصبّر الناس على مآسيها، لا تخوينه، ومحاولة محاصرة صوته، وتذكيره بما لم ولن ينساه!.

جميع الحقوق محفوظة © 2024